حسن فتحي Hasan Fathi
ولد حسن فتحي في الإسكندرية بمصر. يعتبر من كبار المهندسين المعماريين في العالم العربي. كرّس عمله لحل المشاكل السكنية للطبقة الفقيرة في الدول النامية. عمل أستاذاَ للفن ورئيساً للقسم المعماري في جامعة القاهرة وأسس شركته الخاصة التي صممت وأشرف على بناء عدد من القرى في مصر والمملكة العربية السعودية بينها مدينة "كورنه" بمصر (1948) وقرية "مت النصارى" بمصر أيضاً (1954) ومشروع "بيت لعائلة من الطبقة الوسطى" في جدة بالسعودية (1974).
وضع حسن فتحي نصب عينيه منذ تخرجه تحسين أوضاع القرية المصرية ووقف الهجرة شبه الجماعية إلى المدن الكبرى، ورأى أن أقصر الطرق وأفضلها هو العودة إلى الجذور التقليدية للبناء القروي المصري والاعتماد على الكفاءات والمهارات المحلية في تنفيذ تصاميمه المستمدة من هذه الجذور.
لم يكن هذا الطموح سهل التنفيذ. إذ جاءته العراقيل من كل صوب. فالمعماريون استخفوا بما كان يطمح إليه، متهمين إياه بالعودة إلى الوراء داعين إلى انتشارمجمعات مرتفعة لإسكان أكبر عدد بدل من التركيز على المجمعات والقرى ذات المنزل المستقل من طبقة واحدة وذات قباب تقليدية. ووجد المتعهدون في دعوته إلى أبنية رخيصة الكلفة والتي تعتمد على الأيدي العاملة المحلية خسارة مادية لهم. واستخف به المسؤولون في أجهزة الدولة المختصة ونعتوه بالرجعي.
لم تثنِ هذه الاعتراضات حسن فتحي، وظل معانداً في إيمانه بأن الريف المصري يمكن أن يرى نهضة معمارية لا تفقده خصوصياته. وضع حسن فتحي أفكاره ورؤياه موضع التنفيذ عندما صمم وبنى قرية "كورنه الجديدة" في مصر، وهي قرية على مقربة من طيبة والأقصر على الجهة الشرقية من نهر النيل. واستمد في تصاميمه الأشكال المألوفة في القرية المصرية والتي تلبي حاجات سكانها وترتبط بنزوعهم العاطفي تجاهها. واستخدم في إنشائها المواد المتوفرة محليا من طين وطابوق مصنّع في موقع البناء وبالطريقة نفسها التي كان يصنع فيها الطابوق منذ أقدم الأزمنة. واعتمد في الهيكل العام للأبنية ما كان شائعاً قديماً من حيث الجدران السميكة المرصوصة بغية امتصاص الحرارة نهاراً وتشبعها بها ليلاً. ولم يهمل توفير الباحات المطلوبة للاستخدامات المتعددة وكذلك المساحات الفارغة الضرورية بين البيوت والبنايات العامة.
استفاد حسن فتحي من أساليب التصميم القديمة برؤية حديثة تعتمد المهارات التنظيمية المعاصرة. وتمكن بذلك في أن يربط بين معرفته المعمارية والواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الريفي المصري. وقد أصاب بذلك أكثر من هدف حين أخرج مجمعاً مدنياً ومعمارياً على جانب كبير من الجمال وأنعش الصناعات الشعبية القديمة التي تستلزمها حياة القرية وتزيين البيوت، بل وإنشائها.
شجع هذا النجاح حسن فتحي على تصميم وتنفيذ مدينة مصرية أخرى هي "مت النصارى". وبعدها دعته المملكة العربية السعودية لتصميم مشروع مماثل هو مشروع "بيت العائلة من الطبقة الوسطى". وكان قد سبق له أن وضع في السعودية كذلك التصميم الأساسي لدور سكن "الدارية".
ان الرحلة التي طواها الراحل حسن فتحي (1900/ 1989) في أكثر من ثمانين عاما رحلة من قباب عمارة (النوبة) الشعبية البسيطة التي لا نعرف لأي زمن تعود, إلى (أقصر) طيبة من القرن السادس عشر قبل الميلاد, أم إلى عمارة مسجد السلطان حسن من القرن الرابع عشر بعد الميلاد
وإذا كانت بيوت النوبة التي لا يختلف على جمالها ومتانتها وحسن تصاميمها مبنية بالطين والطوب اللبن فقد استنتج حسن فتحي أن العطن والعتمة في بيوت الفلاحين الفقراء ليسا راجعين لكونها من الطين، بل يرجعان إلى الطريقة العشوائية والمعوزة التي يبني بها الفلاح بيته من دون مرشد معين بعد أن انقطع عن تراثه، وفي نفس الوقت لم تُعنَ العلوم المعمارية الحديثة بتقديم حلول مرشدة له في بناء بيته في حدود اقتصادياته وإمكانات بيئته.
فخامة الطين التي تُعَدّ مادة البناء الأساسية في هذه البيوت خامة موجودة ومتوفرة في البيئة الريفية من هنا تنعدم تكلفتها تقريبًا، وقد أثبتت البحوث العلمية التي أجراها حسن فتحي على هذا النمط من البناء مدى قوة خاماته وتناسب تصاميمه.
من ذلك تلك الشواهد التاريخية التي تمثلت في بعض العمائر والبنايات والبيوت التي بقيت على الأرض المصرية، مثل: مخازن قمح الرامسيوم بالأقصر التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة، وهي مبنية بخامة الطوب اللبن ومسقفة بالقبب والأقبية؛ إذ أفصحت بالدليل الواقعي أن هذه الخامة والتصميمات من القوة والمتانة بما جعلها تعيش آلاف السنين.
عشق الراحل حسن فتحي فن الرقش (الأرابيسك), عشق منه كرمز المشربية
عشق حسن فتحي القباب عشقا عمليا, تلتقي على قمتها خطوط الخطوط, وتتفرق على خط استوائها الفروع
ويبسط حسن فتحي الأمر في سهولة الامتناع فيقول: السقف في البيت العربي هو السماء, والسجادة هي الحديقة, والحاشية سياجها, والمشربية تستكمل الوحدة بنثر دوائر الضوء على الحضور.
عبقريته جعلتها حقيقة حية في مشاريع معمارية عديدة. أولها عمارة قرية (الجرنة) القرية التي شيدها في جنوب مصر
اتسعت تجربة حسن فتحي, عبرت المحيط الأطلسي, وتحققت في ولاية (نيو مكسيكو) بالولايات المتحدة الأمريكية. وعبرت البحر الأحمر لتصل إلى الجزيرة العربية, والخليج العربي في أبنية رائعة.
وقد تميزت البيوت التي بناها حسن فتحي وظلَّ يدعو للأخذ بها والتي استوحاها من بيوت النوبة بأنها متوافقة توافقًا كليًّا مع البيئة فهي -غير رخص تكلفة خاماتها- تحقق تهيئة مناخية رخيصة للمنزل ليس بحكم خاماتها المتوافقة مع البيئة فقط، بل بحكم توافق تصميماتها، فالبيت من هذه البيوت يستمد تهويته وإضاءته من فناء داخلي تنفتح عليه نوافذ البيت من الداخل، وهذا يقي أهل البيت من الأتربة والتيارات الهوائية غير المستحبة، فضلاً عن ذلك فإن هذا الفناء يحقق خصوصية البيت وحرمته التي تتوافق مع القيم الدينية والأخلاقية لساكنيه، وهاتان الوظيفتان ما كانت تحققهما تصميمات البيوت الحديثة التي يضعها المعماريون التقليديون من كونها تستمد فلسفة تصميماتها من العمارة الأوروبية التي تفضل -تبعًا لتوافقها مع بيئتها- الانفتاح على الخارج.
وما نريد أن نؤكده أن حسن فتحي لم يرتبط بخامة الطين في مبانيه إلا في المباني التي كان يبنيها في بيئات متوفرة فيها هذه الخامة. وحينما كان يبني في الصحراء كان يبحث عن مواد بيئية توجد في البيئة الصحراوية، وهو ما حققه بالفعل حين كان يبني بالحجر في الصحراء، وقد دعا لاستخدام الطفلة التي توجد في الصحراء كخامة بيئية رخيصة وأفضل من أي خامة صناعية أو مستجلبة.
وهذه لينكات بعض الصور لمقاطع وواجهات لبيوت توضح فيها الملاقف ..
http://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0u.gifhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0t.gifhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0H.GIFhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0I.GIFhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0Q.GIFhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0R.GIFhttp://www.unu.edu/unupress/unupbook...e/80A01E0S.GIF